محرر في CNBC عربية
شهد العام 2025 مزيجاً نادر الحدوث من التوترات التجارية، والتحولات النقدية، وزيادة الاستثمارات فى مجال الذكاء الاصطناعي، وإصلاحات حادة رافقت بعض الاقتصادات الناشئة.
في قلب هذه التحولات، برزت مجموعة من الشخصيات التي تركت بصمتها مباشرة على مسار الاقتصاد العالمي، من البيت الأبيض ووول ستريت إلى بكين وبوينس آيرس وأسواق النفط والذكاء الاصطناعي عالمياََ.
دونالد ترامب

"الرسوم الجمركية" كانت العنوان الأبرز لسنة 2025 وسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن سلسلة من قرارات التعرفات على دول العالم، قبل الانخراط في مفاوضات لاحقة على مدار العام أسهمت في التوصل لمجموعة من الاتفاقات.
واحدة من أبرز حلقات التصعيد، كانت "الحرب التجارية" التي أطلقها ترامب مع الصين في 2025، عبر رفع الرسوم على السلع الصينية (لتصل في بعض الأحيان إلى 155%) ما دفع بكين إلى الرد بزيادة الرسوم على الواردات الأميركية، قبل التوصل لاتفاق بين البلدين.
امتد تأثير هذه السياسات إلى الأسواق المالية العالمية، حيث شهدت الأسهم والسلع والعملات تقلبات حادة مع كل إعلان جديد يتعلق بالرسوم الجمركية وإجراءت لاحقة حول الاستثناءات التي عاد وأعلنها على بعض الدول، فضلاََ عن مراحل التفاوض التي أعقبتها مع اليابان والاتحاد الأوروبي على اتفاقات ثنائية تحمي جميع الأطراف من الرسوم الجمركية.. وبذلك يأتي ترامب على رأس قائمة المؤثرين العالميين على حركة الأسواق الدولية خلال عام 2025.
جيروم باول

قاد رئيس الاحتياطي الفدرالي الأميركي، جيروم باول، السياسة النقدية في عام مثقل بالضبابية، بين ضغوط تباطؤ النمو ومخاطر التضخم. َولاحقه الرئيس الأميركي بسيل من التصريحات التي طالبه فيها بخفض كبير لمعدلات الفائدة.
قرارات الفدرالي بخفض الفائدة تدريجياً (3 مرات)، ومن ثم المناقشات حول وتيرة وتوقيت أي خفض إضافي شكلت جانبا كبيرا من التأثيرات الاقتصادية العالمية فى 2025. وخاصة في ظل انقسام داخل لجنة السوق المفتوحة حول مدى الحاجة إلى التيسير النقدي في بيئة لا تزال تشهد ضغوط أسعار في بعض القطاعات. هذه القرارات انعكست مباشرة على حركة الدولار وعوائد السندات الأميركية، وبالتالي على تكلفة التمويل عالمياً.
دعّن تراجع الدولار خلال فترات التوقعات بخفض الفائدة أداء العديد من الأسواق الناشئة، التي استفادت من تحسن تدفقات رؤوس الأموال وانخفاض أعباء خدمة الديون المقومة بالعملة الأميركية.
في المقابل، كان على باول أن يوازن بين دعم النمو والحفاظ على مصداقية الفدرالي في كبح التضخم، في وقت لا تزال فيه الأسواق تسعّر الذكاء الاصطناعي والتوترات التجارية في التقييمات المستقبلية للأصول عالية المخاطر.
جنسن هوانغ

شكّل الرئيس التنفيذي لشركة الرقائق العالمية العملاقة "إنفيديا"، جنسن هوانغ، أحد أبرز الوجوه الاقتصادية في 2025. وخاصة مع تحوّل رقائق الذكاء الاصطناعي إلى "نفط جديد" يقود الاستثمار والتجارة.
أكد هوانغ -في أكثر من مناسبة- أن الطلب على قدرات الحوسبة المخصصة للذكاء الاصطناعي "ارتفع بشكل كبير" خلال فترة قصيرة، مدفوعاً بسباق عالمي بين الشركات والدول لبناء مراكز بيانات عملاقة وبنى تحتية رقمية متطورة. هذا الطلب انعكس على أرباح إنفيديا وقيمتها السوقية، ودفع أسهم قطاع الرقائق إلى مستويات قياسية.
كما حذّر هوانغ من أن الولايات المتحدة والعالم بحاجة إلى توسيع ضخم في قدرات توليد الطاقة لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي، ما يعني استثمارات بمئات المليارات في الشبكات الكهربائية والطاقة المتجددة والوقود الأحفوري على حد سواء.
تأثير تصريحات "هوانغ" تجاوزت حدود قطاع التكنولوجيا، إذ أصبحت الرقائق والخوادم ومعدات الاتصالات من أبرز المحركات لنمو التجارة العالمية في النصف الأول من 2025، فضلاََ عن الحراك الذي تثيره تصريجاته بين شركات التكنولوجيا العالمية فى إطار التنافس الدولي المحموم فى هذا القطاع.
ارتفعت القيمة السوقية لإنفيديا بأكثر من 30% حتى الان خلال العام 2025، لتسجل 4.297 تريليون دولار. وكانت قد ارتفعت بنسبة 168.87% العام الماضي مسجلة 3.288 تريليون دولار.
وتتصدر الشركة قائمة أكبر الشركات في العالم من حيث القيمة السوقية، بفضل زيادة الطلب على رقائق الذكاء الاصطناعي.
شي جين بينغ

جاء رد الصين على تصعيد رسوم ترامب تحت قيادة الرئيس شي جين بينغ، الذي أدار الحرب التجارية مع واشنطن، بقرارات عديدة. كان منها إقرار زيادة الرسوم الانتقامية على الواردات الأميركية إلى 84% في المتوسط على شريحة واسعة من السلع.
هذه الخطوات جاءت رداً على رفع واشنطن رسومها على بعض الواردات الصينية إلى أكثر من 100%، ما فتح مرحلة جديدة من حرب الرسوم بين البلدين.
تزامن التحرك الصيني مع دفع قوي لتقوية سلاسل التوريد البديلة وتعزيز الاكتفاء الذاتي في القطاعات الحساسة كالرقائق والتقنيات المتقدمة.
ورغم الضغوط الكبيرة، حافظ الاقتصاد الصيني على موقعه كلاعب رئيسي في التجارة العالمية، مدعوماً بتحويل جزء من صادراته إلى أسواق أخرى غير السوق الأميركية، وتكثيف جهود الابتكار والتصنيع المحلي المتقدم، وتعزيز الطلب الداخلي، والحفاظ على معدلات تصديرية مرتفعة.
قرارت الزعيم الصيني ساعدت في الحد من الأثر السلبي المباشر للرسوم الجمركية على اقتصاد بلاده العملاق.
إيلون ماسك

عبر تسلا وسبايس إكس ومشاريعه في الذكاء الاصطناعي والاتصالات الفضائية، حافظ "ماسك" في 2025 على موقعه كأحد أكثر الشخصيات تأثيراً في الاقتصاد العالمي.
استمرت تسلا في دفع التحول إلى السيارات الكهربائية عالمياً، مع إنتاج وتسليمات بالآلاف من السيارات الفاخرة والمتوسطة التكلفة سنوياً، ما جعلها معياراً رئيسياً تقيس عليه الشركات الأخرى أدائها واستراتيجياتها المستقبلية. توسعت تسلا في أسواق جديدة، بما فيها آسيا وأوروبا، وتركت أثراً مباشراً على سياسات الطاقة والتحفيز الحكومي للمركبات الكهربائية.
على جانب آخر، أسهمت مشاريع ماسك في الاتصالات عبر الأقمار الصناعية في توسيع الوصول إلى الإنترنت في العديد من المناطق النائية، ما دعم التجارة الإلكترونية والخدمات المالية الرقمية في الأسواق الناشئة. وقبل كل ذلك، ساهم وجود ماسك فى الفريق الحكومي الرئاسي فى تغيير وتيرة عمل الحكومة الفيدرالية، وذلك من خلال رئاسته لجنة الكفاءة الحكومية خلال الأشهر الأولي لرئاسة ترامب.
وبحلول يوم الثلاثاء 16 ديسمبر/ كانون الأول، حقق ماسك، وهو أغنى شخص في العالم، إنجازًا جديدًا بفضل الارتفاع الكبير في تقييم شركة الصواريخ التابعة له سبيس إكس.
أطلقت سبيس إكس عرضًا لشراء الأسهم يقيّم الشركة عند 800 مليار دولار، ارتفاعًا من 400 مليار دولار في أغسطس، وفقًا لما قاله اثنان من مستثمري الشركة لمجلة فوربس. هذا التقييم رفع ثروة ماسك، الذي يمتلك نحو 42% من سبيس إكس، بمقدار 168 مليار دولار لتصل إلى 677 مليار دولار حتى الساعة 12 ظهرًا بتوقيت الساحل الشرقي الاثنين.
سام ألتمان

الرئيس التنفيذي لـ OpenAI سام ألتمان، كان أحد أبرز الأسماء المرتبطة بالذكاء الاصطناعي خلال 2025، سواء عبر نماذج الجيل الجديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي أو عبر الجدل التنظيمي المحيط بها. فنماذج OpenAI المتقدمة جرى اعتمادها على نطاق واسع في الشركات والمؤسسات التعليمية والصحية، ما رفع إنتاجية العديد من القطاعات، لكنه أثار في الوقت نفسه أسئلة حول مستقبل الوظائف التقليدية وهياكل سوق العمل.
ألتمان كان أيضاً حاضراً بقوة في النقاشات السياسية والاقتصادية حول تنظيم الذكاء الاصطناعي، حيث دعا في تصريحات ومداخلات مختلفة إلى أطر تنظيمية دولية تقلل المخاطر دون خنق الابتكار. هذا المزيج من التأثير التقني والتنظيمي جعل دوره محورياً في تشكيل مسار الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وفي دفع الحكومات إلى التفكير في وضع قواعد جديدة للاقتصاد الرقمي.
خافيير ميلي

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي برز كأحد أكثر القادة تنفيذاً لبرامج إصلاحية وصفت بالـ"راديكالية" في 2025، مع تبنيه حزمة إجراءات شملت تحرير أسعار الصرف، وتقليص الدعم، وخفض حاد في الإنفاق الحكومي. والهدف كان وقف الانهيار المزمن للعملة الأرجنينية، وكبح التضخم المفرط، الذي كان قد بلغ مستويات من بين الأعلى عالمياً قبل تولي "ميلي" المنصب.
هذه السياسات صاحبها جدل داخلي واسع بسبب كلفتها الاجتماعية على المدى القصير. رغم ذلك، بدأت الأسواق الدولية في قراءة هذه الإجراءات كإشارة جدية على التزام بوينس آيرس بالإصلاح، وهو ما انعكس تدريجياً في تحسن أسعار السندات الأرجنتينية وتزايد الاهتمام الاستثماري في قطاعات مثل الطاقة والزراعة والتعدين.
كريستالينا غورغيفا

مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغيفا، استمرت في 2025 كأحد أهم الأصوات المؤثرة في النقاش الاقتصادي العالمي، خاصة في ما يتعلق بآفاق النمو ومخاطر الديون.
تقارير شبكة CNBC على مدار العام نقلت تحذيراتها المتكررة من أن مستويات الدين العام المرتفعة في العديد من الدول أصبحت تمثل خطراً على الاستقرار المالي، ودعوتها إلى تنسيق دولي أكبر لمعالجة أزمات الديون في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل. كما شددت مراراََ على أهمية توجيه الدعم للفئات الأكثر هشاشة في أي برامج إصلاحية.
في الوقت نفسه، لعبت غورغيفا دوراً محورياً في بلورة توقعات النمو العالمي، حيث أشار الصندوق في تحديثاته إلى أن النمو لا يزال دون متوسطاته التاريخية في عدد كبير من الاقتصادات. هذه التقديرات شكلت مرجعاً للمستثمرين وصناع القرار في تقييم المخاطر والفرص في الأسواق الصاعدة والمتقدمة على حد سواء، فى جميه أنحاء العالم.
