المقاطع لا تأخذ في اعتبارها المستخدمين الأطفال بحسب الخبراء
تحوّلت مقاطع الفيديو القصيرة على الإنترنت من مجرد تسلية خفيفة إلى جزء لا يتجزأ من حياة العديد من الشباب والأطفال، لكن هذه المقاطع يبدو أنها تُسبب مشاكل وأضراراً عميقة للدماغ، وهو ما يعني بأن الآباء والأمهات يتوجب عليهم الانتباه سريعاً لها من أجل حماية أطفالهم.
وتجذب منصات مثل "تيك توك"، و"إنستغرام"، و"يوتيوب شورتس"، مئات الملايين من الشباب والمراهقين والأطفال ممن هم دون سن الثامنة عشرة، ويقضي هؤلاء ساعات طويلة من وقتهم يومياً في مشاهدة هذه المقاطع، وسط تصاعد الجدل بشأن التأثيرات المحتملة لهذه المقاطع على الصحة العقلية.
ووفق تقرير نشره موقع "ذا كونفيرسيشن" الأميركي المتخصص، واطلعت عليه "العربية نت"، فإن تصميم مقاطع الفيديو القصيرة على هذه المنصات يُشجع على جلسات طويلة من التصفح السريع، وهو ما يصعب على المستخدمين الصغار السيطرة عليه، حيث إن هذه التطبيقات لم تُصمم أبداً مع وضع الأطفال في الاعتبار، على الرغم من أن العديد منهم يستخدمونها يومياً، وغالباً بمفردهم.

وقد وجد تحليل أُجري عام 2023 وشمل 71 دراسة ونحو 100 ألف مشارك، وجود ارتباط متوسط بين الاستخدام المكثف لمقاطع الفيديو القصيرة وانخفاض القدرة على ضبط النفس وقصر مدة الانتباه.

لكن التقلبات العاطفية الحادة التي تصاحب المحتوى السريع تجعل من الصعب على الدماغ أن يهدأ. وقد وجدت دراسة حديثة أن الإفراط في استخدام مقاطع الفيديو القصيرة يرتبط لدى بعض المراهقين باضطرابات النوم وزيادة القلق الاجتماعي.
وتؤثر اضطرابات النوم هذه على المزاج والقدرة على التحمل والذاكرة، وقد تخلق حلقة مفرغة يصعب على الأطفال الذين يعانون من التوتر أو الضغوط الاجتماعية كسرها، بحسب الدراسة.
وإضافةً إلى النوم، فإن التدفق المستمر لصور الأقران وأنماط الحياة المُنمّقة قد يُفاقم المقارنة، وقد يستوعب الأطفال في سن ما قبل المراهقة معايير غير واقعية للشعبية أو المظهر أو النجاح، وهو ما يرتبط بانخفاض تقدير الذات والقلق، وينطبق الأمر نفسه على جميع أشكال وسائل التواصل الاجتماعي.
ويقول تقرير "ذا كونفيرسيشن" إن معظم الأبحاث تركز على المراهقين، لكن الأطفال الأصغر سناً أقل نضجاً في ضبط النفس ولديهم إحساس هش بالهوية، مما يجعلهم أكثر عرضةً للتأثر العاطفي بالمحتوى السريع.
ويزيد تعرض الأطفال لمواد لم يقصدوا رؤيتها من المخاطر، وقد يزيد تصميم تطبيقات الفيديو القصيرة من احتمالية حدوث ذلك. ونظراً لأن المقاطع القصيرة تظهر فوراً وتُشغّل تلقائياً واحدة تلو الأخرى، فقد يتعرض الأطفال لمشاهد عنيفة أو تحديات مؤذية أو محتوى جنسي قبل أن تتاح لهم فرصة استيعاب ما يرونه أو صرف أنظارهم.
وعلى عكس مقاطع الفيديو الطويلة أو منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية، لا يوفر المحتوى القصير أي سياق تقريبًا، ولا تحذير، ولا فرصة للاستعداد النفسي. فمجرد تمريرة سريعة قد تُحدث تحولًا مفاجئًا في النبرة من سخيفة إلى مزعجة، وهو أمر صادم بشكل خاص للأدمغة النامية.
