📰 "تطبيق حضوري.. التقنية التي أرهقت الميدان التربوي"


📰  "تطبيق حضوري.. التقنية التي أرهقت الميدان التربوي"


لا شك أن التحول الرقمي أصبح ضرورة في جميع القطاعات، بما في ذلك القطاع التعليمي. وقد شهدنا مبادرات تقنية متعددة تهدف إلى تطوير الأداء الإداري ورفع مستوى الانضباط الوظيفي، من بينها تطبيق "حضوري" الذي أُطلق لضبط حضور وانصراف الموظفين إلكترونيًا، بمن فيهم المعلمون والمعلمات.

لكن، وكما أن لكل دواء أعراض جانبية، فإن "حضوري" الذي جاء كأداة تنظيمية، تحوّل في الميدان التربوي إلى أداة ضغط وإرباك، لا سيما في المدارس التي تعاني من تحديات تقنية وبيئية مختلفة.

🎓 معاناة لا يراها أحد

المعلم اليوم لا يبدأ يومه بالتحضير أو استقبال الطلاب، بل يبدأه بالبحث عن إشارة شبكة أو مكان تصل فيه الـ GPS ليتمكن من تسجيل حضوره في التطبيق.
وفي حال فشل التطبيق – وهو ما يحدث كثيرًا – تبدأ رحلة القلق والتوتر والمراسلات والاعتراضات، رغم أن المعلم كان حاضراً فعلياً بين طلابه منذ الصباح الباكر!

أما القادة التربويون، فقد أصبح جزء كبير من وقتهم يُستهلك في متابعة التبصيم، والتأكد من ظهور الحضور في النظام، ورفع الاعتراضات للجهات المختصة.
بدلًا من أن يكونوا موجهين ومشرفين على العمل التربوي، أصبحوا موظفين إداريين مهمّتهم تصحيح أخطاء تقنية.

📍 لا بيئة تقنية مهيأة

الكثير من المدارس، خصوصًا في القرى والمناطق الطرفية، تعاني من ضعف شبكة الإنترنت أو انعدام التغطية، مما يجعل استخدام "حضوري" شبه مستحيل. ومع ذلك، يتم تحميل المعلمين المسؤولية الكاملة، وكأنهم تعمدوا التغيب.

حتى داخل المدن، لا تخلو المدارس من مشكلات تحديد الموقع الجغرافي، حيث يرفض التطبيق أحيانًا تسجيل الحضور بسبب خلل في تحديد الإحداثيات، رغم أن المستخدم داخل سور المدرسة.

🧾 الانضباط لا يعني الظلم 

الكل يتفق على أهمية الانضباط الوظيفي، وأن المعلم ليس بمعزل عن النظام والمحاسبة، ولكن لا يجب أن تتحول التقنية إلى سوط فوق رؤوس المعلمين، يخصم من رواتبهم ويشكك في التزامهم، فقط لأن التطبيق لم يعمل كما يجب.

نحتاج إلى نظام عادل، يُراعي الظروف الواقعية لبيئة المدارس، ويُقدّر جهود المعلمين الذين يواجهون يوميًا تحديات التعليم والتقويم والانضباط والأنشطة، دون أن يُضاف إلى جدولهم عبء التقنيات المعطوبة.

💡 الحل ليس مستحيلًا 

لسنا ضد التطوير، بل نحن أول من يطالب به. لكن على التطوير أن يتماشى مع الواقع، لا أن يتجاهله.

  • لماذا لا يُعتمد توقيع قائد المدرسة في حال تعذر التبصيم؟

  • ولماذا لا يُعلّق الخصم أو المساءلة الإدارية في حال وجود مشكلة تقنية مسجّلة في النظام نفسه؟

✍️ في الختام:

تطبيق "حضوري" قد يكون خيارًا مناسبًا في المكاتب والوزارات، لكنه بحاجة إلى إعادة ضبط وتكييف ليتناسب مع خصوصية المدارس.
المعلم ليس موظفًا مكتبيًا يجلس أمام جهازه، بل هو قلب العملية التعليمية، وتكدير يومه بسبب مشكلة في تطبيق غير مستقر، هو خلل يجب إصلاحه.

ندعو الوزارة والمطورين إلى الاستماع لصوت الميدان، والجلوس مع من يواجهون هذه المعاناة يوميًا. فالتقنية لا تكون ناجحة إلا عندما تخدم الإنسان، لا عندما تُتعبه وتشكك في إخلاصه.

 

أحدث أقدم

نموذج الاتصال