إنها أمة لا تموت

 


حال الأمة الإسلامية بين الواقع والآمال

إن الأمة الإسلامية أمة مباركة اختارها الله سبحانه لحمل رسالة الخاتم، وجعلها شاهدة على الناس ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾. غير أن المتأمل في حالها اليوم يرى تباينًا عجيبًا بين ما تحمله من مقومات النهضة، وما تعيشه من ضعف وتشرذم، حتى غدت أمةً متفرقة تتجاذبها التحديات من الداخل والخارج.

أولًا: ملامح الواقع الراهن

تمر الأمة الإسلامية اليوم بمرحلة دقيقة من تاريخها؛ فمع أنها تملك أكبر مخزون حضاري وقيمي على وجه الأرض، إلا أن الواقع السياسي والاجتماعي يعكس حالة من التراجع. الانقسام بين الدول الإسلامية واضح، حتى غاب عنها التنسيق الفعّال في مواجهة قضاياها المصيرية. كما تعاني مناطق عديدة من الصراعات الداخلية، التي أنهكت الطاقات وأضعفت البنية الاقتصادية والاجتماعية.

وعلى الصعيد الثقافي والفكري، فإن محاولات الغزو الثقافي لا تتوقف، إذ يُراد للأمة أن تتخلى عن هويتها الإسلامية لتذوب في قوالب حضارية دخيلة. ومع ذلك، فإن وعي شريحة واسعة من شباب المسلمين آخذٌ في النمو، حيث نجد عودةً إلى الدين وحرصًا على التمسك بالقيم الإسلامية الأصيلة.

ثانيًا: الجوانب المشرقة

ليس الواقع كله مظلمًا؛ ففي خضم الأزمات هناك نقاط مضيئة تحمل بشائر أمل:

  • الصحوة الدينية: نشهد يقظة متزايدة في التمسك بالهوية الإسلامية، وميلًا إلى العودة للقرآن والسنة.

  • الانتشار العالمي للإسلام: على الرغم من الحملات الإعلامية المشوهة، إلا أن الإسلام هو الدين الأسرع انتشارًا في العالم.

  • التطور العلمي والتقني: بعض الدول الإسلامية باتت تحقق نجاحات ملحوظة في مجالات التعليم، البحث العلمي، والصناعة، وهو ما يمكن أن يشكل ركيزة لنهضة شاملة.

  • العمل الخيري والإنساني: المؤسسات الإسلامية تسهم بشكل بارز في مد يد العون للمحتاجين في شتى بقاع الأرض، ما يعكس روح التكافل التي تميز الأمة.

ثالثًا: التحديات الكبرى

تواجه الأمة الإسلامية تحديات جسيمة تتطلب وعيًا وتخطيطًا:

  • الضعف السياسي وفقدان القرار المستقل.

  • التخلف الاقتصادي في كثير من الدول، وانتشار الفقر والبطالة.

  • التناحر المذهبي والطائفي، الذي يستنزف الطاقات ويحول دون التقدم.

  • الغزو الفكري والإعلامي الذي يستهدف العقل المسلم، ليبعده عن مصادر قوته.

رابعًا: آفاق المستقبل

على الرغم من التحديات، فإن الأمة الإسلامية قادرة – بإذن الله – على استعادة مكانتها إذا رجعت إلى أصولها، وتمسكت بالقرآن والسنة، وسارت بخطى واثقة نحو الوحدة والتكامل. إن استثمار الطاقات البشرية الهائلة، والاهتمام بالتعليم والبحث العلمي، وتعزيز التعاون بين الدول الإسلامية، يمثل خطوات أساسية نحو النهوض.

إنها أمة لا تموت؛ فقد عرفت عبر تاريخها مراحل ضعف أشد مما نعيشه اليوم، لكنها عادت فنهضت، وأسهمت في قيادة البشرية بالعلم والعدل والهداية. والمستقبل بإذن الله يحمل بشائر الخير، إذا أحسنت الأمة قراءة واقعها، واستثمرت ما لديها من إمكانات، وصدقت مع الله في حمل رسالتها.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال