أسرار قبل الوجبة وبعدها: عادات صحية تغيّر طاقتك
وهضمك للأفضل
إنّ
تبنّي بعض العادات الصحية البسيطة قبل وبعد تناول الطعام خطوةٌ أساسية لصحة جهازك
الهضمي وزيادة طاقتك اليومية. فالعملية الهضمية لا تعتمد على نوعية الطعام فقط، بل
على الطريقة التي تتناول بها وجباتك أيضاً. وتُشير
التوصيات الطبية إلى أن الالتزام بنمط حياة صحي متوازن حول الوجبات قد يساعد في
الوقاية من مشاكل صحية مثل السمنة والسكري، كما يعزّز مستوى النشاط والطاقة لدى
الإنسان.
يؤكد
خبراء التغذية وأطباء الجهاز الهضمي أن العناية بالعادات الغذائية (كمواعيد
الوجبات وحالة الاسترخاء قبل وبعد الأكل) تقي من اضطرابات المعدة والأمعاء
ومضاعفاتها، وقد تساعد أيضًا في تجنّب آلام القلب والشعور بمزيد من الحيوية.
ولذلك
فإنّ الأمر ليس محصورًا بنوعية الأغذية التي تتناولها فحسب، بل يتعدّاها إلى نظافة
يديك قبل الأكل، وسرعة الأكل، وعادة ألا تستلقي مباشرةً بعد الوجبة. فهذه العوامل
جميعها تؤثر في كفاءة الهضم: فالاستعجال أو التوتر أثناء الأكل، أو النوم السريع
بعده، قد يؤخّران من إشارة الشبع ويزيدان الشعور بعدم الراحة.
إنّ اعتماد عادات غذائية صحية حول أوقات الوجبات يعطي جسمك أفضلية في تحويل الطعام
إلى طاقة ويخفض احتمالية اضطراب الهضم والشعور بالثقل.
أفضل ما
ينصح به قبل الأكل
- تنظيم مواعيد الوجبات: يفضل
تناول الطعام في أوقات منتظمة وثابتة على مدار اليوم. فالانتظام في الوجبات
يساعد جسمك في ضبط ساعات الهضم والاستفادة الأمثل من الطعام.
على سبيل المثال، تشير الدراسات إلى أن تناول حصص كبيرة من الطعام خلال النهار وتجنب الأكل المتأخر جداً قبل النوم يساعد في ضبط الوزن ويقلل اضطرابات الهضم. - شرب الماء: يُنصح بشرب كوب من الماء النظيف قبل تناول
الوجبة (ويمكن أن يكون ماءً فاتراً أو بدرجة حرارة الغرفة)، فذلك يساعد على
ترطيب المعدة وتسهيل تكسير الطعام. وعلى العكس من فكرة شائعة، فإن شرب الماء
أثناء أو قبل الأكل لا يضعف الهضم، بل يساعد على تفتيت الطعام ويساهم في
تحريك الأمعاء ومنع الإمساك. لكن يُراعى عدم شرب كميات كبيرة جداً دفعة واحدة حتى لا تشعر
بالامتلاء المفاجئ.
- الحالة النفسية الهادئة: حاول
أن تهيئ نفسك نفسيًا قبل الأكل. فالقلق والتوتر يؤديان إلى إفراز هرمونات
تحبط عمل الهضم وتؤدي إلى بطء حركة الأمعاء.
بدلاً من ذلك، خذ بضع دقائق للاسترخاء: يمكنك ممارسة تمارين تنفسية خفيفة أو المشي ببطء لبعض الوقت قبل تناول الطعام لتحضير المعدة بشكل أفضل للطعام. - المشي الخفيف أو التمارين البسيطة: ممارسة
حركة بسيطة قبل الأكل (مثل المشي ببطء لمدة خمس دقائق) تنشط الدورة الدموية
في الجسم بما في ذلك الجهاز الهضمي. وقد أوضحت الأبحاث الطبية أن النشاط
البدني المعتدل يقوي حركة الأمعاء ويجعل عملية الهضم أكثر كفاءة. فبإمكان
المشي الخفيف أن يشحذ الشهية قليلاً ويساعد على تهيئة المعدة لاستقبال الطعام.
- غسل اليدين جيداً: قبل تناول الطعام، تأكّد من تنظيف يديك
جيداً بالماء والصابون. فالأيادي المتسخة قد تنقل الجراثيم والملوثات إلى
الطعام، مما قد يسبب اضطرابات معوية. وتُعتبر هذه العادة واحدة من أفضل
الوسائل البسيطة لحماية نفسك وعائلتك من تسمّمات الطعام والأمراض المعدية.
أخطاء
شائعة قبل الأكل
- الأكل تحت التوتر أو الغضب: من
العادات الخاطئة تناول الطعام وأنت في حالة عصبية أو قلق. فعندما يكون الجسم
في حالة توتّر، يزداد إفراز هرمون الأدرينالين الذي يُبطئ من حركة الأمعاء،
مما يزيد احتمالية الشعور بآلام في البطن أو الانتفاخ. لذا يُنصح بتهدئة
النفس قبل الأكل حتى تستطيع المعدة أداء وظائفها بشكل أفضل.
- الانتظار حتى الجوع الشديد: قد
تشعر عند تعرّضك لفترات طويلة من الجوع بأنك تستطيع تناول أي شيء. لكن
الإفراط في الجوع يدفع البعض إلى تناول كميات كبيرة من الطعام دفعةً واحدة،
مما يشكّل عبئاً على المعدة والأمعاء. وتشير نصائح الأطباء إلى أن تناول
وجبات منتظمة (خاصة عدم تفويت وجبة الإفطار) يقي من الإفراط في الطعام
لاحقاً، كما يحافظ على مستويات السكر مستقرة ويزيد الشعور بالنشاط.
- تناول المشروبات الغازية والمحلّاة قبل
الأكل: يُعد تناول المشروبات الغازية أو العصائر
المحلاة قبل الوجبة من العادات السيئة. فهذه المشروبات تحتوي على نسب عالية
من السكر والمحليات الصناعية التي ترفع مستويات الأنسولين فجأة، مما قد يؤدي
إلى الشعور بالتعب والهبوط السريع بعد وقت وجيز، كما تزيد فرصة اضطراب المعدة
على المدى الطويل. يفضل اختيار الماء أو شاي الأعشاب غير المحلى قبل أو مع
الوجبة بدلاً من المشروبات المحلاة.
العادات
الصحية أثناء تناول الطعام
خلال
تناول الطعام، احرص على التركيز والمضغ الجيّد. فالمعدة تحتاج إلى وقت كافٍ
لاستقبال الطعام وهضمه تدريجياً. تساعدك العادات
التالية على تحسين عملية الهضم والاستمتاع بوجبتك:
- المضغ الجيّد: حرِص على مضغ كل لقمة مرات متعددة قبل
بلعها. إنّ اللعاب الذي يفرزه الفم أثناء المضغ يحتوي على إنزيمات هاضمة
تساعد في تكسير الطعام كيميائياً، مما يُسهّل عمل المعدة والأمعاء. وتفيد
الدراسات بأن المضغ الجيّد يُنشّط عملية الهضم ويقلِّل احتمالية الشعور
بالغازات أو الانتفاخ.
- الأكل ببطء والتركيز: تجنب
الاستعجال أثناء الأكل. يحتاج الدماغ لحوالي 20 دقيقة ليشعر بالامتلاء،
فالأكل السريع يسبب تناولك كميات أكثر من حاجة جسدك قبل أن تظهر إشارة الشبع.
تذوّق نكهات الطعام وانظر إلى ألوانه واستنشق عطره، وعليك أيضًا وضع أدوات
المائدة بين اللقم للتروي. بهذه الطريقة ستشعر بالشبع بكمية أقل مما كانت
عليه لو أكلت بسرعة.
- الاستماع لإشارات الشبع: احترم
شعورك بالامتلاء. عندما تبدأ بالشعور بالشبع، توقف عن تناول المزيد، حتى لو
لم تُكمل طبقك كاملاً. العادات الذهنية الصحية تعلمنا أن نهتم بالرسائل
الداخلية للجسم ونأكل فقط عندما نشعر بالجوع، ثم نتوقف عند الشبع مع
مرور الوقت ستصبح هذه الطريقة في الأكل طبيعية وتعزّز توازن الوزن.
- تجنّب المشتّتات: احرص على تناول الطعام بعيدًا عن التلفاز أو
الهاتف أو الحواسيب. فعندما تكون مشتّت الذهن أثناء الأكل، قد تستمرّ في
الأكل دون أن تشعر بذلك نتيجة ابتعاد انتباهك عن وجبتك فتفاعلك مع الأزرار والألعاب الإلكترونية أو
متابعة الأخبار أثناء الأكل يقلل من انتباهك لإشارات الشبع ويؤدي إلى تناول
المزيد من الطعام دون وعي. جرّب تناول الطعام بتركيز تام فقط.
أفضل ما
يُنصح به بعد الأكل
- المشي الخفيف: بعد الانتهاء من تناول الطعام ببضعة دقائق،
حاول القيام بمشي قصير أو حركات بسيطة. وقد وجدت الدراسات أن المشي لمدة
دقيقتين إلى خمس دقائق بعد الوجبة يساعد على خفض مستوى السكر في الدم بسرعة،
كما يحسّن من تدفق الدورة الدموية إلى الجهاز الهضمي. الأمر لا يحتاج إلى
مجهود كبير: فإن مجرد الوقوف أو التنزه ببطء يعزز عمل المعدة ويساهم في شعورك
براحة أكبر.
- شطف الفم وغسل الأسنان: من
الجيد شطف الفم بالماء بعد الوجبة، أو غسل الأسنان بعد حوالي نصف ساعة. هذه
العادة البسيطة تساعد على إزالة بقايا الطعام وحموضته عن الأسنان، مما يحمي
المينا من التلف. ومع ذلك، يذكر أطباء الأسنان ضرورة الانتظار قليلاً قبل التفريش
إن تناولت أطعمة أو مشروبات حمضية لتجنب تآكل المينا.
- شرب الماء برفق: رغم تحذيرات البعض من شرب الماء مباشرة بعد
الوجبة الكبيرة، فقد أكدت مصادر طبية أن الماء لا يعيق الهضم . بل يمكن للرشفة الصغيرة أن تساعد في تحريك الطعام داخل الأمعاء.
لذلك اشرب كوبًا من الماء بعد وقت قصير من الأكل (مثلاً بعد 10–20 دقيقة)
لتجديد السوائل في الجسم وتساعد على تليين البراز وتسهيل حركته.
سلوكيات
خاطئة بعد الأكل
- الاستلقاء أو النوم فوراً: من
أكثر الأخطاء شيوعاً؛ إذ يُفضّل انتظار 2–3 ساعات على الأقل قبل النوم.
فالنوم مباشرة بعد الأكل يرفع احتمال
ارتجاع الحمض إلى المريء ويسبب حرقة المعدة ويزيد الضغط على البطن. ينصح الخبراء
بالبقاء جالسًا في وضع مائل أو التجول قليلاً قبل الذهاب إلى الفراش لتجنب هذه
المشاكل.
- شرب القهوة أو المشروبات المنبهة فوراً: إذ
يؤدّي الكافيين إلى زيادة إفراز حمض المعدة ورخاء العضلة العاصرة بين المريء
والمعدة.
لذلك قد تشعر بحرقة في الصدر أو اضطراب في الهضم، خاصة إذا كنت تعاني من قرحة أو حساسية هضمية. كما أن الكافيين يرفع ضغط الدم فجأة ويزيد ضربات القلب، مما قد يزيد الإحساس بالانزعاج بعد الوجبة. - التدخين بعد الوجبة: يُفضل
الامتناع عن التدخين تماماً، أو على الأقل عدم ممارسته مباشرة بعد الأكل
للحفاظ على راحة الجهاز الهضمي حيث أن النيكوتين يؤدي لضعف العضلة العاصرة
للمريء، مما يسهل ارتجاع أحماض المعدة إلى المريء. كما يزيد التدخين من خطر الإصابة بقرحة المعدة وبعض أنواع
السرطان الهضمية.
- ممارسة تمارين رياضية قوية جداً: قد
يبدو النشاط القوي حلّاً جيداً لحرق السعرات، لكنه خطأ بعد الأكل مباشرة.
فالتمارين الشاقة قبل مرور ساعة من الأكل قد تؤدي إلى أعراض هضمية مزعجة مثل
الانتفاخ والتقلصات وارتجاع الحمض لذلك يُنصح بأداء تمارين خفيفة (مثل المشي) بعد تناول الطعام،
وتأجيل التمارين المكثفة حتى بعد مرور بعض الوقت أو تناول وجبة خفيفة أخرى.